خلال الأيام الماضية، تم نشر خمس قصص جديدة على صفحات الموقع الإلكتروني الخاص باليوم العالمي للتصدي لرهاب المثليين جنسيًا في لبنان (LebIDAHO blog). ظهر هذا الموقع بشكل رسمي على شبكة الإنترنت يوم 25 نيسان (أبريل) الماضي، وذلك للتجهيز لليوم العالمي لمكافحة رهاب المثليين (المعروف بـ آيداهو) في لبنان.
وقد قال مؤسس جمعية Raynbow عن الموضوع أن “الهدف الأساسي هنا هو إعطاء الصوت لهؤلاء الذين يعانون بشكل يومي ممن حولهم من المصابين بمرض رهاب المثليين جنسيًا، وهو الموضوع الذي يتجاهله الإعلام بشكل عام، ويتقبله المجتمع تمامًا، حيث أن القانون 534 يجرم المثلية الجنسية في لبنان”، وأضاف مؤسس الجمعية بأنه يشكر مجتمع المثليين والمثليات جنسيًا في لبنان، كما يشكر أصدقائهم من المغايرين جنسيًا وذلك بسبب “الأعداد الهائلة من القصص والردود التي وصلتنا بعد إعلاننا عن هذا المشروع، لقد وصلنا عدد هائل من القصص تكفي لأن نقوم بنشر قصة بشكل يومي للشهر المقبل، ولا نزال نستقبل المزيد من القصص حتى اللحظة”.
هاهي القصص الخمسة الأولى، ساعدونا على نشر التوعية ضد مرض رهاب المثليين جنسيًا، برجاء مشاركة هذه القصص مع أصدقائكم، التحدث عنها في مواقعكم الشخصية، إرسالها عبر الإيميل، الفيسبوك أو التويتر.
القصة الخامسة: أن تمسك بيد حبك في الشارع
إن الأشياء الصغيرة هي التي عادة ما تغير من وجه العالم. أنا، على سبيل المثال، لم انتبه من قبل للطريقة التي أعبر بها عن مشاعري تجاه من أحب في الأماكن العامة، إنني أرى هذه الأمور البسيطة في شوارع بيروت أو مقاهيها أو جامعاتها. كنت أرى الأحباء وهم يتبادلون القبل، أو يمسكون بأيدي بعضهم في الشارع، ولم يكن ذلك بمنظر مثير للتساؤل على الإطلاق. إنه ليس بالأمر المهم، أليس كذلك؟
ولكنه أمر مهم بشكل ضخم لمجتمع المثليين والمثليات جنسيًا هنا. فأنا أعرف العديد من المتحابين الرائعين من هذا المجتمع، والذين يجب أن يخفوا مشاعرهم تجاه بعضهم البعض في الأماكن العامة: ليس من المسموح لهم أن يمسكوا بأيدي بعضهم البعض، أو يتبادلون القبل، أو أي شيء قريب من هذه الأمور. هل تصدق أنه من المستحيل لهم أن يكونوا أحرارًا في هذه الأمور حتى في أماكن السهر التي تدعي كونها متسامحة مع المثلية الجنسية؟ إن القائمين على المكان سيوقفونهم عند حدهم. كون بعض الأماكن متقبلة للمثلية الجنسية لا يغير من الحقيقة بأن المادة 534 في القانون اللبناني لا تزال موجودة، وبعض أماكن السهر قد لا يريدون أن يلفتوا الأنظار بشكل كبير تجاههم، مما قد يؤدي إلى وقوعهم في مشاكل، حتى وإن كانت هذه المشاكل غير عادلة من أساسها.
إنه من المؤلم جدًا بالنسبة لي أن أرى هؤلاء المتحابين يتظاهرون في الأماكن العامة بأنهم مجرد “أصدقاء”، إنه من المؤلم لي أنني استطيع أن أقوم بالكثير من الأمور في الأماكن العامة على هذا المنوال، ولكنهم لا يستطيعون القيام بذلك، إن هذا غير عادل على الإطلاق. نحن قد نعيش في واحدة من أكثر البلاد العربية تحررًا عند النظر إلى حقوق المثليين والمثليات جنسيًا، ولكن ها ليس كافيًا على الإطلاق.
لربما، في يوم من الأيام، سيصبح من الممكن لجميع المتحابين، سواء كانوا من المجتمع المثلي جنسيًا أو من المجتمع المتغاير، أن يمسكوا بأيدي أحبائهم في الأماكن العامة، ولكن هذا لن يحدث إلا لو استمر نضالنا تجاه حقوقنا، والنضال سيستمر بالتأكيد.
ـ ريتا الحداد.
————————————————————————————–
القصة الرابعة: إنها خسارتهم
“هوموفوبيا” (رهاب المثلية الجنسية)، هي كلمة ذات صوت مضحك حقًا لو أنك فكرت بهذا الأمر من هذا الجانب! ولكن الكوميديا السوداء هي أن كلمة مضحكة الصوت مثل هذه الكلمة تمتلك في الوقت نفسه تأثيرًا ضخمًا على حياة بعض الأشخاص بشكل كبير. كي أكون صريحًا معك، لقد أثرت “الهوموفوبيا” بي بشكل كبير في طرق كثيرة لدرجة أنني لا أستطيع أن احصرها جميعًا، خصوصًا في الفترة التي قضيتها في المدرسة. لقد كنت مضطرًا لأن أجلس وحيدًا، أكل وحيدًا، أمشي وحيدًا في فترات الإستراحات، فقد لأنني “مثلي الجنسية”.
عندما بدأت سنواتي الجامعية، قابلت الكثير من الأشخاص المتسامحين مع الميول الجنسية المثلية، والذين أحبونني كما أنا دون مشاكل، ولكن في بعض الأحيان، لا أزال حتى هذا اليوم أجد نفسي ملاحقًا بتلك الكلمة ذات الصوت المضحك. على سبيل المثال، أنا لدي أختين، إحداهما متقبلة تمامًا بل وداعمة لحقوقي كمثلي الجنس، ولكن الأخرى تقف على الجهة الأخرى من المعادلة، حيث أنها أكثر إمرأة مصابة بالرهاب من المثلية الجنسية رأيتها في حياتي، وفي حين تقوم إحداهما بالدفاع عني وبدعمي، تحاول الأخرى طوال الوقت أن تقف في وجهي وأن تحبط من عزيمتي، ولكنها دائمًا ما تخسر هذه المعركة.
في سنواتي الجامعية، الهوموفوبيا منعتني من أن يكون لي أي صديق رجل من ذوي الميول المغايرة، وذلك ليس لأنني متأنث، ولكن لأنني فخور بكوني مثلي الجنسية بشكل كبير وجميع من حولي يعرف هذا عني. في الواقع، هذه خسارتهم هم، وليست خسارتي أنا.
أنا أتمنى من كل قلبي أن يأتي يوم من الأيام عندما ينسى البعض معنى هذه الكلمة ذات الصوت المضحك، إن الأماني لا تؤذي أحدًا على الإطلاق.
ـ مجهول
———————————————————————————————-
القصة الثالثة : مسدس في وجهي
عندما كان عمري 19 عامًا، قام أبي برفع مسدس في وجهي. أستطيع أن أرى في عينيه، وقتها، أنه يستطيع ببساطة شديدة أن يسحب زند المسدس مطلقًا الرصاص علي لينهي هذا الصراع الطويل بيني وبينها. أنا: الأبن مثلي الجنس الذي طرد من المنزل عندما كان في الرابعة عشرة من عمره، والآن يعيش في منزله الخاص مع ـ يا إلهي ـ حبيبه، وهو: الأب المسلم المصاب برهاب المثلية الجنسية بشكل طبيعي. ولكنني لم أرى الإصرار في عينيه وقتها، ما رأيته كان الخوف، كان خائفًا أكثر مما كان غاضبًا. لقد أحسست وقتها للحظة أنه هو الذي يواجه المسدس، وليس أنا.
وتستمر الحياة لمدة سبع سنوات، ولازلت أنا ـ الشاب ذو الأصول السورية اللبنانية ـ على رمق الحياة. لا أزال أصاب بالأرق في بعض الأحيان، عندما أحلم بصوت رصاصة لم تأتي على الإطلاق، لا أزال أحكي القصة لأصدقائي في محاولة لتجاوز الموضوع، ولا أزال أريد أن أتخلص من هذه الذكرى، ولكن، كلما حكيت هذه القصة من جديد، كلما أحسست بأنها تنحفر داخل خلايا مخي أكثر.
أنا لا أؤمن بأنني قد أخبرت جميع من حولي عن كوني مثلي الجنس لأنني شخص شجاع مغوار، أنا أخبرت جميع من حولي أنني مثلي الجنس لأنني مضطر لفعل ذلك، أنا خائف بأن يأتي اليوم الذي أجد نفسي به في موقف مشابه للموقف مع أبي: أجد أنني أواجه شخصًا أحببت، شخصًا اتطلع إليه، شخصًا اهتم به، قد قرر أن يرفع مسدسًا في وجهي عندما علم بميولي الجنسية المختلفة، أنا أخذ الطريق السهل وأخبر الجميع بمجرد مقابلتهم.
ـ داني رمضان.
————————————————————————————
القصة الثانية: لماذا تخافون منا؟
هوموفوبيا هي كلمة ثقيلة على اللسان كثيرًا، أليس كذلك؟
من الممكن ترجمتها حرفيًا إلى الخوف من المثليين والمثليات جنسيًا، ولكن ما لا أستطيع أن أفهمه هو لماذا يمتلك البعض خوفًا حقيقيًا تجاهنا. ما هي الأسباب التي تجعلهم يخافون مننا؟ ألسنا أناسًا مثلهم؟ ألسنا مصنوعين من اللحم والدم نفسه؟ ألسنا جميعًا قد ولدنا بالأسلوب نفسه؟ هل حقًا من المهم أن نعرف إن كان بعض الأشخاص منجذبون جنسيًا نحو أشخاص من الجنس نفسه على العكس من الأكثرية المنجذبة للجنس المغاير؟
جواب هذه الأسئلة يجب أن يكون “لا”، ولهذا، لا أستطيع أن أدرك حتى اللحظة ما هي أسباب كل هذه الضجة حولنا، نحن نعيش في مجتمع عربي، يكون إعلان مثليتك الجنسية فيه كإعلانك قيامك بجريمة قتل، أنت تقوم بقتل دينك، بقتل هويتك، بقتل وطنيتك، لأنه ـ من وجهة نظرهم ـ أن تكون مثلي الجنسية يعاني أنك تقف ضد كل هذه الأمور التي تم ذكرها. أنا أعلنت مثليتي لمجموعة صغيرة من أصدقائي الذين أثق بهم، لأنني لا أستطيع أن أثق بالجميع. ولكننا لسنا بمرض، نحن لسنا بمرض معدي.
إن الوقت الوحيد الذي أحس بأنني أستطيع التعايش مع المجتمع من حولي هو عندما أقوم بالسفر إلى خارج المنطقة العربية، لبلاد أكثر تحضرًا من بلادنا، وهناك الأفكار الدينية ليست متجذرة في المجتمع بهذا الشكل الكبير، والناس بشكل عام متفتحين عقليًا بشكل أكبر بكثير.
ولكن الهوموفوبيا أصبحت أقل تأثيرًا علي بعد أن ذهبت لحفل غنائي أقامته فرقة مشروع ليلي في العام الماضي في جبيل، لقد شاهدت التنوع في الحاضرين، وكان الجميع من حولي، مهما تنوعت ميولهم الجنسية ما بين المغايرو المثلي والثنائي الجنس، اجتمعوا جميعًا تحت صوت واحد هو صوت الموسيقى. أكثر ما أثار اعجابي تلك الليلة هو عندما قام المغني حامد سينو برفع علم المثلية الجنسية (قوس قزح)، وأخذ العلم يرفرف فوق رؤوس الحاضرين، وقتها فقط أحسست بأننا جميعًا قادرين على تجاوز هذه المرحلة، وأن لا أحد ولا أي شيء يستطيع الوقوف في وجهنا ما دمنا لا نسمح لهم بذلك.
ـ رالف إتش.
————————————————————
القصة الأولى: لماذا لا يستطيع أعز أصدقائي الزواج؟
“وبالسلطة الممنوحة إلي، أعلنكما الآن زوجًا … وزوجًا”.
هل الأمر حقًا بهذه الصعوبة أن تتخيل رجلين (أو أمرأتين) يحبان بعضهما إلى أقصى الدرجات ويريدان أن يتزوجا؟
الأمر، في الواقع، ليس بهذه الصعوبة لتخيله، ولكنه أقرب إلى المستحيل في بلدنا هذه، وذلك لوجود هؤلاء المرضى بالرهاب من المثلية، والمنغلقين عقليًا، والذين يقومون بنشر مبادئ الكراهية وعدم تقبل الآخر.
وحسبما أكد لي قاموسي اللغوي الحبيب، فإن الحب هو إحساس يظهر في كل العلاقات الإنسانية الطيبة، وذات الطابع العشقي، والتي تحمل جانب مع الود”، وأنا أريد أن أؤكد على جملة “كل العلاقات الإنسانية”.
ولكن دعكم من القاموس، وإليكم مفهومي أنا عن الحب، إن الحب لا يمنعك من شيء، الحب لا يقوم بتعليب الناس أو تسمتهم بمسيات جاهزة، ولا يفرق الحب بين أحد وآخر، إن الحب هو أن تحترم الجميع، وأن توقف الكراهية، إنه الحل الوحيد لكل مشكلة تقف في وجهك في العالم بأسره.
أنا لا أحب استخدام المسميات بشكل عام، ولو كان الأمر بيدي، لكان جميع الناس سواسية حول العالم، ولا يمتلكون أي مسميات يحملونها على رقابهم كأنما هم سلع مصنعة.
إن الجميع يستحقون أن يكونوا محبوبين، وأن يجدوا لأنفسهم نهاياتهم السعيدة.
أنا لست مثلية الجنس، ولكنني بكل تأكيد لست خائفة من المثلية الجنسية، إن أعز أصدقائي، والذي أحبه حتى الموت، مثلي الجنسية، لهذا، فأنا سأقف بجانبه في يوم التصدي لرهاب المثلية الجنسية في لبنان، وسأنشر معه هذه الرسالة إلى العالم.
كونوا أقوياء.
صديقتكم،
كارمين.
———————————————————————
جميع الصور من تصميم Zooze
Post a Comment