Archive for May 2011
نص البيان
في مثل هذا اليوم من عام 1990 أعلنت منظمة الصحة العالمية حذف المثلية الجنسية
من قائمة الأمراض النفسية، منهية بذلك أكثر من قرن من الزمان تم فيه اعتبارها حالة
مرضية. ولأهمية هذا التاريخ و رمزيته، جعل المجتمع الدولي الـ17 مايو/أيار من كل
عام، يوما عالميا لمناهضة رهاب المثلية الجنسية والتحوّل الجنسي.
ومع ذلك يظلّ هذا اليوم غير معروف أو متجاهل من طرف العديد من الدول التي تجرم
المثلية كدولنا العربية ويحلم الكثير منا
(مثلي/ات,ثنائي/ات,متحولي/ات,أحرار/حرات,مزدوجي/ات الجنس في الشرق الأوسط
وشمال إفريقيا بفرصة كهذه للتعبير عن وجودنا المغيب قسرا عن المجتمع و الاعتراف
وعدم الإنكار لطبيعة ميولنا و هويتنا الجنسية التي ولدنا بها بحيث لا يتعارض ذلك مع
كينونتنا كأفراد ننتمي إلى مجتمعات هذه المنطقة من العالم و مع تصورات أهل هذه
المنطقة للشخصية السوية.
بهذه المناسبة العالمية نود أن نشارككم رسالتنا لنقول أننا موجودون منذ بدء الخليقة في
كل المجتمعات والحضارات وتشهد على ذلك رسوم المعابد الفرعونية وتماثيل القصور
الإغريقية وطقوس ديانات الأرض في أمريكا الجنوبية و التراث الأدبي العربي و
الشرقي الملئ بالنصوص التي تحكي عن المثلية الجنسية .
أننا لا نريد أن نُحَوِّل أحدا عن هويته الجنسية و ليس هدفنا إقناعكم بقبول هويتنا
الجنسية، صحيحة كانت - في أعينكم - أم خاطئة,مقبولة أم مرفوضة, إنما نريد أن
نؤكد أننا كبشر لنا حق الوجود والحياة والقبول والتعايش بدون خوف أو قلق كحق
أصيل تكفله الدساتير القانونية و الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
لأننا في الواقع أبناؤكم وبناتكم، وإخوانكم وأخواتكم وأصدقاؤكم وزملاؤكم
وجيرانكم,سواء عرفتمونا بهويتنا أم أغلقتم عنها أعينكم.
وبالتالي ليس هناك معنى لان نُوصَم في وسائل الإعلام المقروءة أو المسموعة أوالمرئية
أو نكون مادة للتهكم أو السخرية أو الازدراء لا سيما وأن الصورة المشوهة الموجودة
في أذهانكم ليست بالضرورة هي ملامح هويتنا الجنسية.
كما أن المثلية ليست أبدا مرادفا للفشل أو عدم الاتزان النفسي كما يحب أن يصورها
البعض ,وهذا واضح جدا في كل المجتمعات التي يحظى فيها المثليون بالقبول ,فكثير
منا علماء وفنانون وعظماء يخدمون البشرية في مجالات الحياة المتنوعة في كافة
أنحاء الدنيا.
نحن نحلم دوما بعالم إنساني يحتضن كل التمايزات والتفردات الشخصية للبشر كافة
أجمعين و ندعوكم لأن تفتحوا أعينكم وقلوبكم لتروا لونا جديدا من ألوان الحياة.
فكما أن جمال قوس قزح هو في امتزاج ألوانه كلها معا كذلك التنوع الإنساني وتنوع
الهويات البشرية سواء العرقية,الثقافية, الدينية, أو الميل الجنسي و الهويات الجنسية
.
توقيع : عن المثليين العرب ( الشرق الأوسط و شمال أفريقيا
في 17 مايو 2011
جمعية حلم – لبنان
مجموعة كيفكيف – المغرب
مجموعة أصوات نساء فلسطينيات مثليات - فلسطين
شبكة خمسة / الشبكة المغاربية للحريات و الاختلاف ليبيا/تونس/الجزائر/المغرب موريتانيا/
منظمة بداية للمثليين و المثليات في منطقة وادي النيل- مصر و السودان
جمعية فريدوم سودان للمثليين/ات,ثنائي/ات,متحولي/ات الجنس السودانيين-السودان
أنا أفضل أن أكون شهيدًا.
أن تكون هويتي هي سجني في عالم القوالب الشخصية، والزوايا الحادة، والمخاوف من هؤلاء المنتمين إلى الجماعات المثلية هو أمر كنت أحاول الابتعاد عنه قدر الإمكان في الماضي، ولكنني الآن أعتقد بأن الإشتراك في هذه المحافل الإجتماعية، تجعل من كل كلمة، حركة، ضحكة، وشعور بالتعاطف بيننا جميعًا سيؤدي إلى درجة أكبر من التفاهم فيما بيننا.
أن تكون ضعيفًا أمام الآخرين، دون أن يكون هناك نتيجة إيجابية أكيدة لك هو أمر مرعب، ولكن من هو ذاك الذي يبدأ بالضعف؟ من هذا الذي يبدأ بتحطيم الحواجز التي تعتبر أكيدة، والتي بناها الشخص حول نفسه لحماية نفسه؟ في معركتي الشخصية لمحاولة إيصال الفهم للآخرين بأنني أنا، كشخص مثلي الجنس، مثلهم أعايش المشاعر نفسها في الحب والحياة: فأنا أفتح الباب أمام الجميع لمهاجمتي، وتحقيري، وجعلي ملاحقًا بأفكاري المثالية التي فشلت، هذا جعلني أعاني أكثر، دون أي داعي أو هدف.
ورغم ذلك، فإن حواجزي الشخصية قد سقطت بالفعل. إن روحي لا تزال تجد القدرة على الإنتاج وعلى إيجاد أرواح أكثر تعاطفًا: هؤلاء الذين استطاعوا مثلي أن يسقطوا القناع الذي يحميهم من ضعفهم الشخصي، إن هذا الضعف الذي يجعل الجميع يلاحظ أنهم رغم اختلافهم المظهري، يمتلكون إنسانية مشتركة، وفي كثير من الأحيان، يمتلكون تجارب حياتية متشابهة.
عبر تفهم المشاكل الإنسانية التي يعانيها الآخرون، ومساعدتهم في تجاوز آلامهم، سيكون من الصعب عليهم أن يقتطعوا مني إنسانيتي، وسيكون من الصعب عليهم أن يضعوا وجودي بأكمله في حيز ضيق. لو أنني أثرت بشكل إيجابي على شخص واحد، شخصين، أو حتى ثلاثة أشخاص ممن وضعوني في صندوق صغير بمجرد رؤيتي، فسأشعر بالفخر بأنني استطعت أن اضيف هذا المقدر إلى الصراع من أجل إنهاء وجود رهاب المثلية الجنسية في عالمنا هذا.
ـ جرانت إتش.
إن رهاب المثلية الجنسية موجود في كل مكان.
أمي تقول لي بأنه أمر مقبول بالنسبة لها كوني مثلي الجنسية. “طيب خلص، ما لازم تخبر حدن، عيش حياتك، ما حدا إلو معك، بس ما حدا لازم يعرف”.
ولكن ما لا تعرفه هي أنني حتى ولو أخفيت مثليتي الجنسية عن المجتمع، لن يقوم المجتمع بإخفاء إصابته بمرض رهاب المثلية الجنسية عني.
سيكون علّي أن استمع إلى نضال الأحمدية، وهي تطلق حربًا شعواء ضدي في الجرس، مضيفة المزيد من القوالب الشخصية السيئة تجاهي، والتي يقع ضحيتها الجميع، حتى عائلتي التي تحبني. وعلّي أن استمع إلى القسيس الماروني (الذي تم انتخابه مؤخرًا) بشارة الراي، وهو يقوم بالكشف الطبي علّي (وأنا الذي يعمل طبيبًا) ليؤكد بأنني مريض عقلي. وبينما يضحك أهلي وأصدقائي أحس بالآلم إذ ما استمعت إلى النكات التي تهاجم المثلية الجنسية على برنامج LOL على قناة OTV. إن القائمة تطول طوال الوقت.
إن أمي مصابة برهاب المثلية الجنسية، وعندما تخبرني بأنها تحبني رغم كوني مثلي الجنسية، أرد عليها قائلاً أنني أحبها أيضًا رغم ذنوبها، وأنني أبغض ذنبها هذا أيضًا. لكنني لن أتراجع على الإطلاق، سأستمر في مناقشتها في هذا الموضوع إلى أن أستطيع إلغاء جميع المعتقدات البالية عندها، لأساعدها على الشفاء من هذا المرض الذي أصابه بها المجتمع الذي تعيش به.
شكرًا لمنظمة حلم، لقيامها بنشر كتب مثل “رهاب المثلية”، لأنه الكتاب الوحيد الذي أستطيع أن أقدمه لوالدتي عن هذا الموضوع بلغة تستطيع هي أن تقرأها.
التوقيع : أبنك/أبنتك المثلي/المثلية الذين يعملون كأطباء، وهنالك الكثير منا هاهنا.
كيف يؤثر رهاب المثلية الجنسية علّي بشكل شخصي؟
إن رهاب المثلية الجنسية هو السبب الأول والأضخم لجميع الشجارات التي أقع بها مع الأشخاص من حولي، إن رهاب المثلية الجنسية جعل مني أكره بشكل كبير الكثير من أصدقائي المقربين وبعض أفراد عائلتي.
بما أن حياتي بشكل عام محاطة بالكثير من الأشخاص المثليي الجنس، فإن رهاب المثلية الجنسبة أصبح، للأسف، جزءًا كبيرًا من محادثاتي مع من حولي، بل من حياتي بشكل عام. لقد قمت بحفظ جميع الأسباب التي يستخدمها البعض لتفسير إصابتهم برهاب المثلية الجنسية، وإن أكبر إنجازتي في الحياة هو أنني استطعت أن أدفع شخصًا شديد الذكاء للصمت بعد أن ناقشته بأن قيامه بالتعامل مع بعض الأشخاص باحتقار بناءًا على ميولهم الجنسية، هو تمامًا كمن يتعامل معه هو شخصيًا بشكل سيء بناءًا على درجاته الإمتحانية.
من ناحية أخرى، استطاع قتالي ضد رهاب المثلية الجنسية أن يجعلني أقابل واتعامل مع مجموعة من أكثر الشخصيات روعة، والذين يقاتلون بدورهم للخروج من خزانة الخوف.
لقد دفعني هذا القتال لأن أختار أحلامي، كي أستطيع في يوم من الأيام أن أغير من العالم بأكمله، وأتمنى أن أستطيع بناء أرضًا اسميها أرض المثلية، هي حلمي لوطن يعيش تحت قوس قزح.
من جديد، لنسأل السؤال نفسه: كيف يؤثر رهاب المثلية الجنسية علّي بشكل شخصي؟ دعني أفكر في هذا للحظة، أعتقد بأنني كنت الفتاة التي تؤمن بأن الكنيسة هي أرض الحب، ولكن رهاب المثلية الجنسية غير من وجهة نظري عن الحياة بشكل عام.
ـ ريتا عون.
أنا لست مثلية الجنس، ولكنني ضحية لرهاب المثلية الجنسية.
كل مرة اسمع فيها جملة تمتلئ برهاب المثلية الجنسية، أحس بأنني أموت قليلاً.
وأعتقد بأن هناك أشخاص يموتون بحق بسبب أن هؤلاء الأقرب إلى قلوبهم يضايقونهم ويكونون مصابين بهذا الرهاب من حولهم.
هوموفوبيا.
إن هذه الكلمة تبدو غريبة عندما اسمعها.
هنالك الكثير من حرف “الآوه” في هذه الكلمة.
آوه.
أجل، الهوموفوبيا هي أمر شائن.
إننا نخاف من أشخاص فقط لأنهم يمارسون الحب مع أشخاص من الجنس نفسه.
في الواقع، لماذا نحن مهتمين لهذه الدرجة بالحالة الجنسية والرومانسية للأشخاص الآخرين؟
لا شآن لأحد إن كان قلبي يدق أسرع قليلاً عندما ارى شابًا .. أو فتاة.
ربما هذا شآن طبيب الأوعية الدموية فحسب.
ـ آثينا.
“الحب هو الحب”، هي جملة سمعتها وتعلمتها من والدي أثناء نشآتي، والدي هو مثلي الجنسية، وهو متزوج من رجل آخر. في وقتها، كانت تلك الجملة بسيطة جدًا، بل وشديدة الجمال. ولكن منذ انتقلت إلى لبنان، وبدأت أجرب الحياة على حسابي الخاص، أدركت مدى حقيقة هذه الكلمة الثلاث، على الرغم من ليس الجميع من حولي رأى الأمور بالشكل البسيط الذي أراه.
لقد غير الناس من حولي صوت هذه الجملة، معناها، بل حتى ولونها، لدرجة وصلت إلى التأثير علّي وعلى الطريقة التي أحسست بها تجاه هذه الجملة. للكثير من اللحظات، أحسست بأنني قوي بشكل كافي للحفاظ على صورة الحب التي امتلكها في عقلي تجاه حبيبتي، ولكن في الوقت نفسه، أحسست بأنها صورة سهلة الكسر جدًا. لقد كان الأمر شديد الصعوبة علّي إذ أزداد نضجًا في مجتمع يمنع عني حريتي هذه لدرجة تمنعني عن إمساك يد تلك التي أحبها والشخص الوحيد الذي يجعلني سعيدًا، لقد كان الأمر شديد الصعوبة علّي أن أصدق أنني سأصل إلى يوم استطيع فيه أن أكون حقًا “أكثر من مجرد صديقين” كما نتصنع كوننا.
لكم أتمنى أن يدعونا بشأننا، أنا متأكدة أنني سأستطيع أن أظهر لهم أن هذا الحب الذي لا حواجز له، هو الأمر المهم الأكثر في العالم.
ـ داني.
لا يثير انتباهي الشباب الصغير في السن المصاب برهاب المثلية الجنسية، والذين يقومون بإطلاق المسميات السيئة تجاه المثليين والمثليات الجنسيين، رغم كونهم جزءًا واضحًا من الثقافة المريضة في مجتمعنا. لكن جزءًا كبيرًا من هذا هو أنهم شباب لا أكثر. إنهم يقومون بالسخرية من أي شيء وأي شخص. ولكن ما يثير قلقي هو رهاب المثلية الجنسية المحسوب والذي يعتبر أمرًا معتادًا ممن يعتبرون أشخاصًا ناضجين ومتعلمين يحافظون على هذه القيمة السيئة في مجتمعنا.
أنا أعرف شخصًا، دعونا نسميه فريد، وهو شخص طيب يعمل بشكل دائم. دائمًا ما أراه في المطعم الذي يعمل به، ونتبادل أنا وهو الأحاديث والنكت عن أبو العبد أثناء تناولي وجبتي الضخمة بشكل غير صحي. ولكن فريد هو شخص مصاب بمرض رهاب المثلية الجنسية. دائمًا ما يخبرني عن مدى ضيقه عندما يرى شخصين متحابين من الجنس نفسه. لقد قام يومًا بتعنيف فتاتين مثليتي الجنس عندما تبادلتا القبل في سيارتهن أثناء انتظارهن لطلبهن أمام المطعم.
أعتقد بأن قارئ هذا المقال قد فهم المشكلة الآن. إن فريد لا يحب المثليين أو المثليات جنسيًا. وفي مرة من المرات، صديق لي، ودعونا نسميه ألفريد، جاء معي إلى هذا المطعم. في الواقع، كان هناك الكثير من الأشخاص، ولكن ألفريد هو الشخص مثلي الجنس بيننا. أتمنى لو أنني استطيع أن أضيفه إلى قصتنا هذا بناءًا على أراءه في الحياة أو ذكاءه الإجتماعي، ولكنه في هذه القصة فقط لأنه مثلي الجنس، ولهذا أنا أعتذر يا ألفريد. على أي حال، أنا وفريد بدأنا بتبادل النكت كالمعتاد، وفجأة قفز ألفريد إلى محادثتنا أيضًا. لقد تبادل هو وفريد الأحاديث وحكى لنا ألفريد نكتًا آخرى، لقد قضينا ثلاثتنا وقتًا ممعتاً في حديثنا هذا.
إذًا، لم يكن هناك أي تغييرات أو تعديلات ضخمة فيما حدث، لم يحيطنا ضيء ملائكي إذ ما أدرك فريد فجأة بأنه يكره أشخاصًا مثل ألفريد تمامًا دون أي سبب واقعي واضح. ولكن هذا الموقف أظهر لي أن رهاب المثلية الجنسية هو أمر موجود في الوعي الشخصي للأشخاص من حولنا. وأنا أعتقد بأننا ببعض الحديث المنطقي، نستطيع أن نتخلص جميعًا منه.
مازن عبد الله.
خلال الأيام الماضية، تم نشر خمس قصص جديدة على صفحات الموقع الإلكتروني الخاص باليوم العالمي للتصدي لرهاب المثليين جنسيًا في لبنان (LebIDAHO blog). ظهر هذا الموقع بشكل رسمي على شبكة الإنترنت يوم 25 نيسان (أبريل) الماضي، وذلك للتجهيز لليوم العالمي لمكافحة رهاب المثليين (المعروف بـ آيداهو) في لبنان.
وقد قال مؤسس جمعية Raynbow عن الموضوع أن “الهدف الأساسي هنا هو إعطاء الصوت لهؤلاء الذين يعانون بشكل يومي ممن حولهم من المصابين بمرض رهاب المثليين جنسيًا، وهو الموضوع الذي يتجاهله الإعلام بشكل عام، ويتقبله المجتمع تمامًا، حيث أن القانون 534 يجرم المثلية الجنسية في لبنان”، وأضاف مؤسس الجمعية بأنه يشكر مجتمع المثليين والمثليات جنسيًا في لبنان، كما يشكر أصدقائهم من المغايرين جنسيًا وذلك بسبب “الأعداد الهائلة من القصص والردود التي وصلتنا بعد إعلاننا عن هذا المشروع، لقد وصلنا عدد هائل من القصص تكفي لأن نقوم بنشر قصة بشكل يومي للشهر المقبل، ولا نزال نستقبل المزيد من القصص حتى اللحظة”.
هاهي القصص الخمسة الأولى، ساعدونا على نشر التوعية ضد مرض رهاب المثليين جنسيًا، برجاء مشاركة هذه القصص مع أصدقائكم، التحدث عنها في مواقعكم الشخصية، إرسالها عبر الإيميل، الفيسبوك أو التويتر.
القصة الخامسة: أن تمسك بيد حبك في الشارع
إن الأشياء الصغيرة هي التي عادة ما تغير من وجه العالم. أنا، على سبيل المثال، لم انتبه من قبل للطريقة التي أعبر بها عن مشاعري تجاه من أحب في الأماكن العامة، إنني أرى هذه الأمور البسيطة في شوارع بيروت أو مقاهيها أو جامعاتها. كنت أرى الأحباء وهم يتبادلون القبل، أو يمسكون بأيدي بعضهم في الشارع، ولم يكن ذلك بمنظر مثير للتساؤل على الإطلاق. إنه ليس بالأمر المهم، أليس كذلك؟
ولكنه أمر مهم بشكل ضخم لمجتمع المثليين والمثليات جنسيًا هنا. فأنا أعرف العديد من المتحابين الرائعين من هذا المجتمع، والذين يجب أن يخفوا مشاعرهم تجاه بعضهم البعض في الأماكن العامة: ليس من المسموح لهم أن يمسكوا بأيدي بعضهم البعض، أو يتبادلون القبل، أو أي شيء قريب من هذه الأمور. هل تصدق أنه من المستحيل لهم أن يكونوا أحرارًا في هذه الأمور حتى في أماكن السهر التي تدعي كونها متسامحة مع المثلية الجنسية؟ إن القائمين على المكان سيوقفونهم عند حدهم. كون بعض الأماكن متقبلة للمثلية الجنسية لا يغير من الحقيقة بأن المادة 534 في القانون اللبناني لا تزال موجودة، وبعض أماكن السهر قد لا يريدون أن يلفتوا الأنظار بشكل كبير تجاههم، مما قد يؤدي إلى وقوعهم في مشاكل، حتى وإن كانت هذه المشاكل غير عادلة من أساسها.
إنه من المؤلم جدًا بالنسبة لي أن أرى هؤلاء المتحابين يتظاهرون في الأماكن العامة بأنهم مجرد “أصدقاء”، إنه من المؤلم لي أنني استطيع أن أقوم بالكثير من الأمور في الأماكن العامة على هذا المنوال، ولكنهم لا يستطيعون القيام بذلك، إن هذا غير عادل على الإطلاق. نحن قد نعيش في واحدة من أكثر البلاد العربية تحررًا عند النظر إلى حقوق المثليين والمثليات جنسيًا، ولكن ها ليس كافيًا على الإطلاق.
لربما، في يوم من الأيام، سيصبح من الممكن لجميع المتحابين، سواء كانوا من المجتمع المثلي جنسيًا أو من المجتمع المتغاير، أن يمسكوا بأيدي أحبائهم في الأماكن العامة، ولكن هذا لن يحدث إلا لو استمر نضالنا تجاه حقوقنا، والنضال سيستمر بالتأكيد.
ـ ريتا الحداد.
————————————————————————————–
القصة الرابعة: إنها خسارتهم
“هوموفوبيا” (رهاب المثلية الجنسية)، هي كلمة ذات صوت مضحك حقًا لو أنك فكرت بهذا الأمر من هذا الجانب! ولكن الكوميديا السوداء هي أن كلمة مضحكة الصوت مثل هذه الكلمة تمتلك في الوقت نفسه تأثيرًا ضخمًا على حياة بعض الأشخاص بشكل كبير. كي أكون صريحًا معك، لقد أثرت “الهوموفوبيا” بي بشكل كبير في طرق كثيرة لدرجة أنني لا أستطيع أن احصرها جميعًا، خصوصًا في الفترة التي قضيتها في المدرسة. لقد كنت مضطرًا لأن أجلس وحيدًا، أكل وحيدًا، أمشي وحيدًا في فترات الإستراحات، فقد لأنني “مثلي الجنسية”.
عندما بدأت سنواتي الجامعية، قابلت الكثير من الأشخاص المتسامحين مع الميول الجنسية المثلية، والذين أحبونني كما أنا دون مشاكل، ولكن في بعض الأحيان، لا أزال حتى هذا اليوم أجد نفسي ملاحقًا بتلك الكلمة ذات الصوت المضحك. على سبيل المثال، أنا لدي أختين، إحداهما متقبلة تمامًا بل وداعمة لحقوقي كمثلي الجنس، ولكن الأخرى تقف على الجهة الأخرى من المعادلة، حيث أنها أكثر إمرأة مصابة بالرهاب من المثلية الجنسية رأيتها في حياتي، وفي حين تقوم إحداهما بالدفاع عني وبدعمي، تحاول الأخرى طوال الوقت أن تقف في وجهي وأن تحبط من عزيمتي، ولكنها دائمًا ما تخسر هذه المعركة.
في سنواتي الجامعية، الهوموفوبيا منعتني من أن يكون لي أي صديق رجل من ذوي الميول المغايرة، وذلك ليس لأنني متأنث، ولكن لأنني فخور بكوني مثلي الجنسية بشكل كبير وجميع من حولي يعرف هذا عني. في الواقع، هذه خسارتهم هم، وليست خسارتي أنا.
أنا أتمنى من كل قلبي أن يأتي يوم من الأيام عندما ينسى البعض معنى هذه الكلمة ذات الصوت المضحك، إن الأماني لا تؤذي أحدًا على الإطلاق.
ـ مجهول
———————————————————————————————-
القصة الثالثة : مسدس في وجهي
عندما كان عمري 19 عامًا، قام أبي برفع مسدس في وجهي. أستطيع أن أرى في عينيه، وقتها، أنه يستطيع ببساطة شديدة أن يسحب زند المسدس مطلقًا الرصاص علي لينهي هذا الصراع الطويل بيني وبينها. أنا: الأبن مثلي الجنس الذي طرد من المنزل عندما كان في الرابعة عشرة من عمره، والآن يعيش في منزله الخاص مع ـ يا إلهي ـ حبيبه، وهو: الأب المسلم المصاب برهاب المثلية الجنسية بشكل طبيعي. ولكنني لم أرى الإصرار في عينيه وقتها، ما رأيته كان الخوف، كان خائفًا أكثر مما كان غاضبًا. لقد أحسست وقتها للحظة أنه هو الذي يواجه المسدس، وليس أنا.
وتستمر الحياة لمدة سبع سنوات، ولازلت أنا ـ الشاب ذو الأصول السورية اللبنانية ـ على رمق الحياة. لا أزال أصاب بالأرق في بعض الأحيان، عندما أحلم بصوت رصاصة لم تأتي على الإطلاق، لا أزال أحكي القصة لأصدقائي في محاولة لتجاوز الموضوع، ولا أزال أريد أن أتخلص من هذه الذكرى، ولكن، كلما حكيت هذه القصة من جديد، كلما أحسست بأنها تنحفر داخل خلايا مخي أكثر.
أنا لا أؤمن بأنني قد أخبرت جميع من حولي عن كوني مثلي الجنس لأنني شخص شجاع مغوار، أنا أخبرت جميع من حولي أنني مثلي الجنس لأنني مضطر لفعل ذلك، أنا خائف بأن يأتي اليوم الذي أجد نفسي به في موقف مشابه للموقف مع أبي: أجد أنني أواجه شخصًا أحببت، شخصًا اتطلع إليه، شخصًا اهتم به، قد قرر أن يرفع مسدسًا في وجهي عندما علم بميولي الجنسية المختلفة، أنا أخذ الطريق السهل وأخبر الجميع بمجرد مقابلتهم.
ـ داني رمضان.
————————————————————————————
القصة الثانية: لماذا تخافون منا؟
هوموفوبيا هي كلمة ثقيلة على اللسان كثيرًا، أليس كذلك؟
من الممكن ترجمتها حرفيًا إلى الخوف من المثليين والمثليات جنسيًا، ولكن ما لا أستطيع أن أفهمه هو لماذا يمتلك البعض خوفًا حقيقيًا تجاهنا. ما هي الأسباب التي تجعلهم يخافون مننا؟ ألسنا أناسًا مثلهم؟ ألسنا مصنوعين من اللحم والدم نفسه؟ ألسنا جميعًا قد ولدنا بالأسلوب نفسه؟ هل حقًا من المهم أن نعرف إن كان بعض الأشخاص منجذبون جنسيًا نحو أشخاص من الجنس نفسه على العكس من الأكثرية المنجذبة للجنس المغاير؟
جواب هذه الأسئلة يجب أن يكون “لا”، ولهذا، لا أستطيع أن أدرك حتى اللحظة ما هي أسباب كل هذه الضجة حولنا، نحن نعيش في مجتمع عربي، يكون إعلان مثليتك الجنسية فيه كإعلانك قيامك بجريمة قتل، أنت تقوم بقتل دينك، بقتل هويتك، بقتل وطنيتك، لأنه ـ من وجهة نظرهم ـ أن تكون مثلي الجنسية يعاني أنك تقف ضد كل هذه الأمور التي تم ذكرها. أنا أعلنت مثليتي لمجموعة صغيرة من أصدقائي الذين أثق بهم، لأنني لا أستطيع أن أثق بالجميع. ولكننا لسنا بمرض، نحن لسنا بمرض معدي.
إن الوقت الوحيد الذي أحس بأنني أستطيع التعايش مع المجتمع من حولي هو عندما أقوم بالسفر إلى خارج المنطقة العربية، لبلاد أكثر تحضرًا من بلادنا، وهناك الأفكار الدينية ليست متجذرة في المجتمع بهذا الشكل الكبير، والناس بشكل عام متفتحين عقليًا بشكل أكبر بكثير.
ولكن الهوموفوبيا أصبحت أقل تأثيرًا علي بعد أن ذهبت لحفل غنائي أقامته فرقة مشروع ليلي في العام الماضي في جبيل، لقد شاهدت التنوع في الحاضرين، وكان الجميع من حولي، مهما تنوعت ميولهم الجنسية ما بين المغايرو المثلي والثنائي الجنس، اجتمعوا جميعًا تحت صوت واحد هو صوت الموسيقى. أكثر ما أثار اعجابي تلك الليلة هو عندما قام المغني حامد سينو برفع علم المثلية الجنسية (قوس قزح)، وأخذ العلم يرفرف فوق رؤوس الحاضرين، وقتها فقط أحسست بأننا جميعًا قادرين على تجاوز هذه المرحلة، وأن لا أحد ولا أي شيء يستطيع الوقوف في وجهنا ما دمنا لا نسمح لهم بذلك.
ـ رالف إتش.
————————————————————
القصة الأولى: لماذا لا يستطيع أعز أصدقائي الزواج؟
“وبالسلطة الممنوحة إلي، أعلنكما الآن زوجًا … وزوجًا”.
هل الأمر حقًا بهذه الصعوبة أن تتخيل رجلين (أو أمرأتين) يحبان بعضهما إلى أقصى الدرجات ويريدان أن يتزوجا؟
الأمر، في الواقع، ليس بهذه الصعوبة لتخيله، ولكنه أقرب إلى المستحيل في بلدنا هذه، وذلك لوجود هؤلاء المرضى بالرهاب من المثلية، والمنغلقين عقليًا، والذين يقومون بنشر مبادئ الكراهية وعدم تقبل الآخر.
وحسبما أكد لي قاموسي اللغوي الحبيب، فإن الحب هو إحساس يظهر في كل العلاقات الإنسانية الطيبة، وذات الطابع العشقي، والتي تحمل جانب مع الود”، وأنا أريد أن أؤكد على جملة “كل العلاقات الإنسانية”.
ولكن دعكم من القاموس، وإليكم مفهومي أنا عن الحب، إن الحب لا يمنعك من شيء، الحب لا يقوم بتعليب الناس أو تسمتهم بمسيات جاهزة، ولا يفرق الحب بين أحد وآخر، إن الحب هو أن تحترم الجميع، وأن توقف الكراهية، إنه الحل الوحيد لكل مشكلة تقف في وجهك في العالم بأسره.
أنا لا أحب استخدام المسميات بشكل عام، ولو كان الأمر بيدي، لكان جميع الناس سواسية حول العالم، ولا يمتلكون أي مسميات يحملونها على رقابهم كأنما هم سلع مصنعة.
إن الجميع يستحقون أن يكونوا محبوبين، وأن يجدوا لأنفسهم نهاياتهم السعيدة.
أنا لست مثلية الجنس، ولكنني بكل تأكيد لست خائفة من المثلية الجنسية، إن أعز أصدقائي، والذي أحبه حتى الموت، مثلي الجنسية، لهذا، فأنا سأقف بجانبه في يوم التصدي لرهاب المثلية الجنسية في لبنان، وسأنشر معه هذه الرسالة إلى العالم.
كونوا أقوياء.
صديقتكم،
كارمين.
———————————————————————
جميع الصور من تصميم Zooze