كعب عالي أو رائحة النفتالين في دولاب جدتي

Posted by momen ahmed - -





ذلك الرجل المنحوت داخل مرآة مكسرة بوعي فني متقن...سأنزع هذا السيجار عن فمه وسأنهش شفته المكتنزة حتى آخرها...حتى تنزف الصدفة دما على سجادة معقمة...









نص: راجي بطحيش

صور: سامي زيبق


أنفض الأتربة عن شعيرات صدري وألملم الخصلات المنفية عن تقويسة حاجبي..أضمها في حزمة هلالية مثالية للمداعبة.

أضع عقربا داخل حقيبتي الأنثوية المرصعة بعيون الرجال…

ثم أخرج لأحتفل برأس السنة.

تلك المرأة التي تمسك باللحظة المنطقية على شكل تمثال حجري لا تفلته.. سأحول ليلتها إلى أشلاء من موت اليقين..



































2


أزيل الأتربة عن جفنيّ.. أتأمل الهالات السوداء التي تحيط بها من كل صوب، أضغط على الجيوب السوداء علي افقأها أخيرا.. أم أن ذلك دلالة على الجدوى كما قالت صديقتي التي انتحرت قبل برهة بقليل..


أشرع دولاب جدتي، استنشق عبير النفتالين..


أخرج حقيبة محيكة بالخيوط الفضية والقماش الأسود الخشن، كانت جدتي قد أحضرتها معها من شهر العسل في بيروت،


ثم أخرج لأحتفل.


ذلك الرجل المنحوت داخل مرآة مكسرة بوعي فني متقن… سأنزع هذا السيجار عن فمه وسأنهش شفته المكتنزة حتى آخرها… حتى تنزف الصدفة دما على سجادة معقمة…






3


أمسح الأتربة عن خاصرتي، أجمع شوائب ما تركته الأيام الثملة من حيرة، أدهن زيت الخلاص على خاصرتي علّ المنظر العام عبر نافذتي يصبح أجمل… أهم.. أو أقل تهالكا.


تتسرب قطرات زيت عبر خاصرتي.. تنزلق نحو الأسفل تداعب عانتي المهجورة .. منذ آخر قطرات البراندي.


أشرع دولاب جدتي، استنشق عبير النفتالين..


أخرج شالا طويلا أسود من الدانتيل كانت النسوة وجدتي يضعنه على رؤوسهن في بيوت العزاء والقداديس، ألف شعري القديم بالشال.. كل زاوية مختلفة قليلا لثني الشال.. ستفضي إلى حياة..


ثم أخرج لأحتفل بعيد ميلاد من لا أعرف.


هذا الطبق الفضي.. الذهبي.. البلاتيني المطلي بقوام عجيني/دهني زهري مزركش بأربع محارات، سألعقه وأنا مستلق على المائدة الوسطى، حتى بزوغ فجر الولع …






4


أمسح أتربة الكآبة عن فراشي ، أخفيها تحت السرير في زاوية لن تظهر من خلالها سوى بعد حفنة أيام وأكثر .. علّ المشهد العام عبر مرآتي يصبح أبهي.. أوضح.. أقل تفتتا…


على فراشي ثلاث بقع متساوية القطر من الدم، أنزع الغطاء بما أوتيت من قوة، لا تزال البقع الثلاث تظهر بنفس التوزيع على سطح الفرشة، أقلب الفرشة .. وهكذا.


أشرع دولاب جدتي، استنشق عبير النفتالين..


أخرج جوربا أسود بملمس حريري زئبقي، يمسني تيار خفيف من الكهرباء الساكنة، لم تغسل جدتي الجورب بعد استخدامه آخر مرة.. أمدد الجورب أمامي.. ثمة ثقوب ثلاثة متساوية القطر. فيه.. تقريبا….


ثم أخرج لأحتفل…


أنظر إلى المرأة المنهمكة بإشعال الشموع الحمراء والخضراء والبنية، سأستعير زوجك لبرهة ليحكي لي قصة في غرفة الأطفال الخاوية.. بإرادة عضوية متأصلة حادة.. حتى تنتهين من إشعال الحرائق التافهة..






5


أنفض الأتربة عن شعيرات صدري وألملم الخصلات المنفية عن تقويسة حاجبي… تتقدم نحوي قطة بيضاء… أو قط ربما. لم أدقق في الأمر يوما… ولم أطلق عليها أسما بعد …”فرحة” ربما… تتقدم فرحة ثم تبدأ بلعق الشعيرات الكثيفة المتناثرة أسفل ساقي…


تقرأ لي القطة فنجان القهوة المنسي هناك قرب علبة تبغ فارغة (ينتشر فتات التبغ على البلاط العثماني المفلوق)… وتقول لي القطة من دون تردد: حان وقت الثورة.


أشرع دولاب جدتي مجددا، استنشق عبير النفتالين..


أبحث في الدولاب عن حذاء جلدي بكعب عال.. عال جدا.. لا كعب عال في دولاب جدتي المطلي بماء القرنفل المتشظي. أجد الحذاء في دولاب رجل كان قد هاجر إلى الأرجنتين قبل ذلك بقرن ونصف..


ثم أخرج لأحتفل بعيد قديس مخترَع.


أقف هناك للحظة وأفكر.. لو كان ثمة حيز اكبر من الوقت لكنت تقدمت نحو هذا الرجل الذي يروي نكتة رزينة ولركعت أمامه عند مستوى عانته وزرعت فيما يستنفر داخلها، الفتنة طويلا طويلا أمام الناظرين… هذا لو كان ثمة حيز اكبر من الوقت.
























6


أترجل في الفجر بعكب شبه مكسور…


ثم أجلس أمام المدفأة لأشوي الكستناء.


































سامي زيبق، من مدينة يافا، عارض دراج و أزياء وستايليست، ظهر على أغلفة مجلات أزياء وستايل في البلاد والعالم وشارك كذلك في عروض دراج كويرية ضمن مشهد حياة الليل في تل أبيب ومدن أوروبا. يحمل سامي ملامح أيقونية مميزة وتعبيرا حادا في وجهة يجمع بين الفتنة الطاغية والبراءة العفوية في آن، كما يشكل جسده وطريقة تناوله فنيا النقيض المعلَن أو “أنتي تيزا” لمفهوم الجسد (كما ينبغي أن يكون) لدى الرجل عامة والرجل المثلي خاصة. فجسد سامي نحيل جدا ولكنه يحمل سحرا ورونقا وجماليات أصيلة من حيث الفحوى التي تتعارض مع مفهوم الفتنة الذكورية المتعارف عليها من خلال الجسد المفتول العضلات والتضاريس البدنية الجاهزة مسبقا. كما يحتفي جسد سامي وروحه عامة بالشعيرات الطبيعية التي تغطي أنحاء منه بجمالية عالية تتمازج فيها الحاجيات والإكسسوارات”الإنثوية” باللحية والشعيرات والناتج الهورموني الذكوري شديد الطبيعية خلافا لشبه الإلحاح في المجتمع المثلي الرجولي على حتمية التخلص من شعر الجسم على أساس أنه آفة مزعجة، مما يجعل من سامي وجها ملفتا بدلالات تتجاوز مجرد الظهور العلني والاستفزاز البصري حيث يخلخل حضور سامي أمام العدسة من مداميك النظام الاجتماعي السائد، غيريا كان أو مثليا.