أمس إفترقنا. وكانت هذه المرة الأخيرة التي اراه فيها. لن يكون بإمكاني رؤيته بعد لانه ذاهب ليتزوج وليعيش في بيت مع زوجة واطفال, كما تقتضيه "الكرامة".
لن اراه ولن اتحدث معه بعد, سيكون بعيداً عني ولن يكون في إستطاعتي الوصول إليه ابداً.
كل اوقاتنا معا إنمحت وكل ما كان بيننا مضى وانقضى. سيبقى في القرية مختبأً من اعين الجميع.
وانا ايضا ساختبا من الآخرين هنا في المدينة وابقى احبه. كل ما كان بيننا إحترق وليس بالامكان إستعادته بعد.
كل ما حاولنا ان نحتفظ به لانفسنا لئلا يأخذوه, منا ضاع.يومها عندما إختبانا في الحقل محاولين ان نكسب وقتنا لانفسنا, لنكون نحن من نحن فقط.
وبعد كل ما عانيناه لكي نبق اكثر وقت ممكن مع بعضنا, فان صديقي الحقيقي الوحيد اختفى! كل هذا ضاع كانه لم يكن, فقط بسبب الدين.
. التقاليد و"الكرامة", فقط من اجل الحفاظ على جمرة قديمة تحرقك حتى الاعماق دون ان تبقى لك انت الحقيقي اي اثر.
والتى تستطيع البقاء معها فقط كجبان وبائس. كان علي ان اعرف انه لا يوجد امل بان نحيى سويةً بعيداً عن كل شيء بدون ان نخاف.
ونضطر لايجاد الذرائع والكذب كل الوقت.منذ ان تركت القرية وبقي هو في الخلف احسست ان حلمي سيضيع ويختفي وسيتحول الى واقع بارد.
احسست ان ما كان بيننا سيموت ولن يستطيع ابداً الفرار معي ولن نحيا معا ونكون واثقين من انفسنا, ستبقى القرية دائماً حاجزاً اقوى منا.
حاولت العيش هناك, فكرت ان اختبيء لكي اكون معه كل العمر, حاولت ان اكون عادياً من اجله لكنني لن استطيع ابداً الزواج من اجل "الكرامة"
ومن اجل تكريس تقاليد بالية.حتى اني حاولت ان اكون مع امراة من اجله, لكني لم انجح. ليس باستطاعتي العيش هناك.
وليس بامكانه الهروب من هناك. حاولت الكذب من اجله حاولت ان اغير مبادئي لكي اعيش بجانبه-حتى ليس معه!- لكن هذا مستحيل.
لم يمر يوم بدون ان ابكي في داخلي معاناتي الام تانيب الضمير الشديد. حاولت اقناعه كسر القيود.
قلت له انه سيموت حيا وانه لا يستطيع العيش بالكذب لوحده ليلعب احد الادوار التي كتبت له من الله, عندها لا يوجد لديه سبب لكي يحيى.
وبالرغم من موافقته معي إلا انه يريد الرجوع, لا يريد ان يخذل عائلته واباه. عندها بدأ يقول لي انني نصف يهودي ولذا اسهل علي ان ارحل.
النقاش القديم احتدم وادى لان لا نتكلم مع بعض مدة اسبوع, لكننا لم نستطع ان نواصل هكذا لوقت طويل, وبالرغم من كل الشوق فضل ان يبقى لوحده في الخلف.
قلت له ان مكانه محفوظ عندي في المدينة دائما والى الابد, سابقى هناك دائما من اجله, لا اهمية لطول الوقت الذي سيمر.
جاء الي عدة مرات, ومعه بضع اغراض من القرية والاهم من ذلك انه احضر نفسه. امس كانت المرة الاخيرة – حاولت مرة ثانية.
لكنه لا يريد البقاء معي, يخاف ان يترك القرية وانا لن ارجع لهناك.بكى عندما غادر, وانا واقف لا استطيع الحراك.
كل شيء انتهى. ركضت نحوه وحاولت ان اعيده على عقبيه ليرجع الي الى بيتنا. لا اريد العيش وحيدا بعد اربع سنوات معه.
قال لي انه لن ينساني وبانه ما زال يحبني وانه صادق بما يقوله, ولن يحب ابدا امراة اكثر مما يحبني, واني دائما سابقى في افكاره.
لكن يجب عليه الرجوع الى القرية, لانه لا يستطيع ان يخذل امه وعائلته. صحت به وسألته هل يعتقد ان ما يفعله صحيح؟ وهل انه يريد الحياة هكذا؟
, اجاب بلا, ولكن ليس عنده خيار اخر. ابعدني بقوة وقال انه مضطراً للرجوع.تسائلت لماذا انا بحاجة اليه, هذا الجبان؟ لماذا احبه؟
ولماذا لا احب اخر؟, لماذا انا بحاجة اليه؟رجعت الى القرية لاراه ثانية
, بدا لي مختلفا, وكانه اخر, اخر مع اربع بنات "ابو البنات", بدا مكسور الجناحين ومرهقا, رآني, القى نظرة وتجاهلني.
فهمت وفقدت الامل وايقنت انه سيبقى هناك مع عائلته المبتذلة التى بناها لنفسه, وانا ساظل وحدي, منتظرا امكانية رجوعه الي, الى الابد, او ان ابدا اكره هذا الجبان.